القائمة الرئيسية

الصفحات

خرافة الأميرة والكلب ذو السلاسل السبع: الـــجزء الــثالث

 

 الأميرة والكلب ذو السلاسل السبع
الـــجزء الــثالث


خرافة الأميرة والكلب ذو السلاسل السبع:  الـــجزء الــثالث


تـــــــوطـــــــئة

بسم الله نبدأ ونصلّي على أكرم خلق الله وسيّد الأنَام - سيّدنا محمد عليه الصلاة والسلام - في إكمال قصة الأميرة والكلب ذو السلاسل السبع في جزئها الثالث والأخير، وكنّا قد ذكرنا آنِفًا أنّ الأميرة علمت حقيقة الكلب الشرس وتحوّله إلى هيئة بشرية - إلى شاب وسيم وذو وقار - لكن لم تتسنّى لها الفرصة إلى التحدّث معه خوفًا من افتراسها دون شفقة فالتزمت الصمت والاختباء داخل الغرفة لا تغادرها.

 

ترى هل ستكتشف الأميرة حقيقة تحوّله إلى كلب ضخم؟

وهل ستستطيع أن تخلّصه من عذابه الأبدي هذا؟

تابعونـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا.....

 

 

ســرّ اللقمات السبع

كنّا قد توقفنّا في الجزء الثاني من الخرافة على ذهول الأميرة لتحول الكلب الضخم - الذي في حجم الفيل - في مغيب الشّمس إلى شاب وسيم متعبّد ثمّ يعود إلى هيأة الكلب مرّة أخرى مع شروق الشمس، وظلّت تفكّر فيما إذا كان هذا الشّاب قد وقع عليه سِحرٌ أو تعويذة حتّى أفاقت على صوت النباح الصاخب.. تفقّدت مئونتها فلم تجد لديها سوى تلك اللقمات الستّة (لقمات العفريت) وبقيت دون طعام والجوع والعطش كانا قد تمكّنا منها، فتذكّرت الحديقة الخلفية للمنزل وأشجارها المثمرة عندما لحقت بالشاب حيث اغتسل.. فقرّرت المجازفة والخروج لِقَطْف بعض الثّمار لتُسكت بها جوعها.

أخذت كيس اللقمات وفتحت الباب وعندما رآها الكلب هاج وماج، خافت وأغلقت الباب مسرعة، لكنّها تشجّعت وفتحت الباب مرّة أخرى وألقت لقمة من لقمات العفريت بعيدا، فتحوّلت فجأة إلى قطعة لحم كبيرة ارتمى عليها الكلب الضخم وأخذ في تقطيعها بأنيابه الحادّة وبذلك ابتعد عن الباب بضعة أمتار.. سحبت نفَسًا عميقًا والتصقت بالجدار ثمّ أخذت تركض بأقصى قوتّها نحو الحديقة ذات الأشجار المثمرة، قطفت بعض الثمار في ارتباك - خوفًا من عودة الكلب - وصرّتها في قطعة قماش ثمّ ملأت قِرْبَـتها بالماء من ينبوع صغير يتدفق منه الماء باُنسيابٍ ويصُبّ في "الجابية" - التّي استحمّ فيها الشاب - وهمّت بالعودة وإذ بها تسمع نباح الكلب من جديد.

تسمّرت في مكانها من شدّة الخوف وظنّت أنّ الكلب قادم نحوها بالتأكيد، فتضرّعت إلى الله أن يحميها ثمّ أخذت تجوب ببصرها في مكان تبحث فيه عن مكان للاختباء فأبصرت مدينة ليست بالبعيدة - تبعُد مسيرة نصف يوم على الأقدام - تسلقتّ شجرة ملاصقة للجدار لكي تنجو بنفسها وتسأل أهلها لعلّها تعرف شيئًا عن الشّاب وقدوم الخدم الذين أحضروا إليه الطعام.. لكنّها تذكّرت الشاب وكلام العفريت بأنّه سوف يكون زوجًا لها، فأشفقت عليه وتراجعت عن فكرة الهروب.. نزلت من فوق الشّجرة - والكلب ظلّ في نباحه المستّمر وهو في مكانه لا يَـبْرحه - عادت أدراجها في خوف ملاصقة للجدار وأخرجت لقمة وألقتها إلى الكلب حتّى يبتعد عن الباب ثمّ أسرعت إلى غرفتها وملأت بطنها وارتوت وتركت بعضًا منها لعلّها تجوع ولا تقدر على الخروج.

 

لقاء الأميرة بالشاب المتعبّد

كانت ملابسها متّسخة من السفر وليس لها ملابس إضافية، فأخذت تبحث في صناديق الغرفة فوجدت ملابس رجاليّة فاخرة لا بُــدّ أنّها تعود إلى الشّاب، وتذكّرت أنّه يُوجد مكان مخصّص للاستحمام في المنزل الواسع - كانت قد اكتشفته عند قدومها ومعرفة ما يوجد داخل الغرف -  استحمّت وغيّرت ملابسها وتعطرّت بإحدى العطور الموجودة بالغرفة.. أحسّت بالراحة وخطر ببالها الشّاب المسكين وغاصت في دوامّة من الأفكار بين عزمٍ وتردّد:

كيف تُراها تساعده؟.. وهل ستحادثه أم تظلّ مختبئة؟.. ماذا إذ رآها فيتحوّل إلى كلب شرس وينقضّ عليها؟... لا.. لا.. لا بدّ من التريّث قليلاً حتّى تطمئنّ أكثر بوجوده.. فهو لا يعلم بوجودها حتّى...

 

ظلّت على تلك الحال أيّام، تستيقظ كلّ صباح على نباح الكلب المزعج وقدوم الخدم الذين يحملون أصناف عديدة من الطعام يضعون الصواني ثمّ يهرولون لا يلتفتون خلفهم من شدّة الخوف، وعند كلّ غروبٍ للشّمس تراقب تحوّل الكلب إلى شابّ وسيم يغتسل ثمّ يعود ويشرع في الصلاة والتسبيح إلى طلوع الشمس لا ينام إلا قليلاً.. وكانت كلّما أحسّت بالجوع وينفذ منها الطعام تُلقي لقمة للكلب فينشغل بها وتُسرع هي إلى الحديقة تقطف بعض الثمار وتملأ قِربتها ثمّ تعود مسرعة إلى انتهت اللقمات السبعة.

أحسّت الأميرة بجوع شديد لم تعهده من قبل رغم سفرها الطويل، فربطت بطنها بقطعة قماش حتّى تُسكت الأصوات التّي يَصدرها بطنها من شدّة الجوع - من حين إلى آخر - فأخذت تسبّح الله لعلّها تنسى جوعها، كلّما غابت الشمس كانت الشموع والقناديل تشتعل فجأة فعلِمت الأميرة بقدوم الشّاب أسرعت الفتاة وفتحت الباب بهدوء تسترق النظر وإذا بالشاب الوسيم يدخل مطأطأ الرأس وبيده صرّة صغيرة وضعها بالقرب منه ثمّ يفرش سجّاده كعادته ويشرع في التعبّد ما بين صلاة وتلاوة للقرآن وتسبيح، كانت لا تستطيع إزاحة بصرها عنه وكأنّ شيئًا يجذبها إليه، فقد تعوّدت على وجوده واستأنست به.

أنهى الشاب  تعبّده فاُفترش السّجاد ليريح جسمه قليلاً والأميرة لا تزال واقفة خلف الباب وإذ بأصوات بطنها تصدر من جديد، ففزعت وتوارت على الأنظار.. كانت خائفة لربّما اٌنتبه الشّاب للصوت واكتشف مكانها؟.. هل سيؤذيها إذا عَلِم بوجودها؟.. وبينما هي في صراع مع أفكارها إذ بالشّاب يُناديها قائلاً:


السلام عليكم ورحمة الله، تعالي ولا تخشي شيئًا فأنتِ في أمانٍ والله شاهدٌ على ما أقول.

لقد جلبت إليك بعض الطعام تُسكت جوعكِ.. تعالي فأنتِ أمانة ربّ العالمين.

لا تخافي فلن أتحوّل إلى كلب حتّى طلوع الشّمس.

 

 شعرت الأميرة بالخجل وتردّدت ثمّ قرّرت أخيرا الخروج، فربّما كان هذا الجوع الشدّيد لإشارة من الله للقاء هذا الشاب، فتحت الباب واُتجّهت نحوه في اُستحياء وهو من أدبه لا يرفع رأسه، أشار إليها بالجلوس فجلست فدفع لها بكيس الطعام - الذي يحتوي على بعض الثّمار كان قد قطفها قبل دخوله المنزل لأنّها لم تتمكّن من الخروج طوال اليوم - عندما اٌنتهت الأميرة من طعامها سألها عن سبب قدومها إلى هنا؟.. وما سرّ تلك اللقمات العجيبة التيّ كانت تُلقيها كلّما أرادت الدخول أو الخروج من المنزل.

 

تعــويذة العفــــريت

نظرت إليه الأميرة في استحياء تتأمّل ملامح وجهه فلمّا التقت عيناهما أخفضت رأسها مسرعة واحمرّت خجلاً، فتدارك الشّاب الأمر وحاول التخفيف عنها متسائلاً إن كانت من سكان البلاد أو غريبة عنها.. وعن سبب قدومها فقصّت عليه ما واجهته من أهوال ومصاعب وعن سرّ تلك اللقمات السحريّة، كان الشاب يستمع إلى الفتاة معجبًا بشجاعتها وإخلاصها وسعيها الحثيث إلى الوصول إليه.. فقاطعها قائلاً:

 

إذا أنتِ مُنقذتي.

 

ابتسمت الأميرة ووعدته بأنّها لن تتوانى في مساعدته لكن عليه أن يُخبرها بقصتّه دون نُقصانٍ لعلّها تجد حلاًّ.. تنهّد الشاب وأخذ يسرد عليها ما حدث له بالتفصيل والفتاة تستمع إليه في دهشة، لقد كانت قصتّه غريبة لا يستوعبها عقل بشريّ.

لقد أخبرها الشّاب بأنّه أمير هذه البلاد ووريثها الوحيد لذلك حرص والده السلطان - الذّي كان عادلاً ومحبوبًا عند شعبه - على حسن تربيته وتحفيظه للقرآن الكريم منذ الصغر.. وعندما بلغ العشرون سنّة كان يُغادر القصر خلسة للتمتع بالصيد وحيدًا في الغابة - التّي كان يحذّره والده من الدخول إليها والتعمّق فيها دون رفقةٍ (دون حراسة) - وفي أحد الأيّام كان يتجوّل في حديقة القصر فأبصر من بعيد غزالٍ جميلٍ لم يستطع مقاومة النظر إليها.. فأسرع إلى القصر وأحضر عدّة الصيد وخرج متسلّلاً في اُتّجاه الغابة - المقابلة للقصر - يُطارد الغزال الشارد الجميل وتعمّق كثيرا في الغابة متجاهلاً تحذير والده السلطان لأنّه كان لا يُصدّق مثل تلك التُرّهاتِ.

  أنهكه السير والركض خلف الغزال إلى أن ألقى بنفسه تحت شجرة يلتقط أنفاسه، استمدّ به الجوع فجال ببصره في المكان يبحث عن شجرة مثمرة بدون جدوى.. رفع رأسه إلى أعلى الشجرة التي اتكأ على جذعها فرأى شيئًا لا يصدّق.. كانت الشجرة متفرّعة وضخمة تحتوي على ثمار متنوعة من برتقال وتفاح وعراجين تمرٍ متدليّة، كانت ثمارها شهيّة ولم يقاوم الأمير جوعه فتسلقها وأخذ يقطف ثمارها ويأكلها حتّى ملأ بطنه وحمد الله.. وقبل نزوله أخذ قليلاً من حبّات التمر يأكلها إذا جاع.

واصل طريقه باحثًا عن طريق العودة إلى القصر لكنّه تاهَ في الغابة الشاسعة ولم قادرًا على تحديد الاتّجاهات إلى أن وصل به المطاف إلى عين ماء جارية فشرب منها وملأ قربته وجلس بجانبها يرتاح قليلا حتّى عاوده الجوع مرّة أخرى - والشمس على وشك المغيب - فأخرج بعض التمرات وأكلها وألقى بنواتها في العين بحركة لا إرادية.. فجأة برز أمامه عفريت ضخم بشع المنظر اُنحنى وأخذ بيده قليلاً من الماء ورشّه على الأمير المذهول الذّي شلّت حركته ولم يعد قادرًا على الكلام وسمعه يقول في غضب وبصوت حانقٍ وقويّ يَصْدع الآذان:

كيف تجرؤ على إيذاء ابني.. بسببك فقد إحدى عينيه بإلقائك لنوات التمر.. لن تفلت من عقابي.. لن أقدر على قتلك لأنّك تحفظ كلام الله.. وكعقابٍ لك سوف تتحوّل إلى كلب متوحّش مع شروق الشمس حتى مغيبها.. تلتهم كلّ شخص تراه حتّى لو كانوا أبويك.. ولأنّك من الحُفاظ سيزول عنك عقابي كلّ غروب للشمس عندها تعود لهيأتك البشرية.. سوف تبقى على تلك الحال طوال عمرك.. لا يقدر أحد على السيطرة عليك إلا إذا قُيِّدتَ بسبع سلاسل ضخمة ويقوموا برشّها بمياه هذه العين حينها لن تقدر على قطعها.. ولن ينفكّ عنك السِّحر إلا إذا سمعت صوت ملاكٍ.. سأمهلك مدّة أسبوع وبعدها تتحقّق لعنتي عليك.

 

ثمّ ضحك العفريت ضحكة مجلجلة تردّد صداها في أرجاء الغابة ثمّ اختفى كأنّه لم يكن وسقط الأمير مغشيًّا عليه وأفاق على صوت شيخ بجانبه يتلو القرآن.. أخبروه أنّهم عثروا عليه مغمًى عليه وبجانبه قِربته وعدّته دون نقصان، وأنه ظلّ على تلك الحال يومين متتالين.. أخبر والده بكلّ ما حدث معه، فحزن السلطان وعُلِّقت الرايات السوداء أرجاء القصر.. كما أمر بجلب كلّ الحدّادين وأمرهم بصنع سبع سلاسل ضخمة ومتينة وقام بنفسه برشّها بالماء الذي وجدوه في قربة ابنه واختار له هذا البناء العائد إلى السلطان.

وفي فجر اليوم السابع، حضر الأمير في موكب فخمٍ يرافقه السلطان وزوجته والوزير والشيخ وبعض الحرّاس الثقاة والخدم، كان الموكب يسوده الحزن.. قُـيِّد الأمير بالسّلاسل في حلقة باب المنزل ووُضِعت أمامه صواني الطعام.. ثمّ ودّعوه وعادوا أدراجهم يذرفون الدمع ويجرّون أذيال الخيبة.. ومع بزوغ الشمس تجمّد الأمير مكانه كأنّه تمثال وتحوّل إلى كلب ضخم ومتوحش يسمع كلّ من في قصر السلطان نباحه رغم بعد المسافة..  

 

زواج الأميرة بالشاب المسحور

قرّر الأمير أن يستغلّ تلك المدّة الزمنيّة - التّي يعود فيها إلى هيئته البشرية مع كلّ غروب - في عبادة الله والتضرّع إليه لعلّه يتخلّص من هذا العذاب.. كما أخبرها بأنّه كان على عِلمٍ بوجودها منذ قدومها واختباءها في غرفته، فلم يرغب في محادثتها قصد عدم إخافتها لذلك ارتأى النوم في نفس المكان الذّي كان يتعبّد فيه وحتّى تتعوّد هي على وجوده.. وإن شاء الله سوف تكون هي سببًا في نجاته لكنّه لا يعلم الطريقة.

فعرض عليها فكرة الزّواج لكن بشرط أن تصبر على مُصابه فهو سيبقى على حاله أثناء النّهار يتحوّل إلى كلب ضخم وعند المساء يصبح إنسانا، فطأطأت رأسها خجلاً معلنة موافقتها.. وقام بخطّ ورقة يُخبر فيها والده السلطان عن قراره الزواج بالأميرة وطلب منه أن يُحضر معه أمّه والشيخ والشّهود وسيخبرهم بالقصّة عند وصولهم، ودسّ الرسالة بين أواني الطعام لكي يأخذها الخدم في الفجر عندما يأتون بالطعام ويحملون الصواني المتسّخة.. وعادت الأميرة إلى غرفتها والفرح يغمرها ونامت في سلام، بينما ظلّ الأمير يسبّح الله.

أفاقت الأميرة على نباح الكلب لكن هذه المرة كان لصوت نباحه وقع جميل على قلبها وانتظرت قدوم المساء في شوق فاليوم سوف تُزّف كعروس ومرّت الساعات سريعة.. غربت الشمس وكان الموكب الملكي في الانتظار أمام الباب.. واستقبلهم الأمير بحفاوة والفرحة تشّع من عينيه.. دخل الجميع إلى المنزل وقصّ عليهم لقاءه بالأميرة فأعجب السلطان والسلطانة بشجاعتها وصلابتها ووفاءها وشكراها.. قامت جاريتان بتحضير العروس فألبسوها ثياب الأميرات وتحلّت بأفخر أنواع الحليّ والمجوهرات فازدادت جمالاً على جمالها وأظهرت مفاتنها.. وكان الأمير قد تحضّر قبل قدوم الموكب وعُقد القِران.. وعاشا الزوجان متحابيْن لا يلتقيان إلا بعد غروب الشمس يقضيان وقتهما في المسامرة في حديقة المنزل لا يفترقان إلا فجرًا دون أن يغفلاَ على عبادة الرحمان.

 

صوت الملاك

مرّت الأيّام والشهور على زواجهما وحملت الأميرة ومرّت شهور الحمل سريعة وكانت السلطانة وبعض الجواري بجانبها إلى أن حانت لحظة الولادة وأنجبت طفلاً غاية في الجمال فصاح الصغير باكيًا معلنًا قدومه إلى الحياة.. خشيت الأميرة عن طفلها أن يؤذيه نباح الكلب الذي تعالى أكثر مع بكاء الرضيع.. ثمّ فجأة توقّف الكلب عن النّباح وانشقّ جلده وخرج الأمير والشمس لم تغرب بعد.. لم يصدّق ما حدث لقد زالت تعويذة العفريت بولادة طفله فأسرع وألقى بنفسه في "الجابية" الموجودة في الحديقة الخلفية ثمّ ارتدى ملابسه وأسرع إلى الداخل.

دخل على زوجته فوجدها ترضع صغيرها، فارتمى ساجدًا يشكر الله عن فضله ثمّ قام وعانق أمّه وزوجته - وهما تنظران إليه في ذهول - ثمّ حمل طفله يقبلّه والدموع في عينيه قائلاً:

 

مرحبا بك أيّها الملاك الصغير.. مرحبًا بمُنقذ أباه.

 

لقد فَهِم الأمير مقصد العفريت عندما أخبره بأن السِّحر لا يزول عنه إلا بسماع صوت ملاكٍ، وكان المقصود هو مولود جديد وها قد جاء الملاك وجلب معه الفرج والسّعادة.. فقرّر الذهاب إلى قصر والده يحمل ابنه الرضيع بين يديه وامتطى إحدى العربات - التيّ قدِمت مع السلطانة تحمل بعض الجواري و"الداية" (المُولّدة أو القابلة) لاستقبال حفيدها - دلف إلى الديوان حيث السلطان وحاشيته، وانحنى مؤدّيًا تحيّة السلطان - الذي قفز من مكانه من الفرح - فابنه واقفٌ أمامه حاملاً طفله بين يديه والشمس لم تغرب.. إنّه أمرٌ لا يٌصدّق.. تعانقا بشدّة فكانا تارة يبكيان وطورا يضحكان وهلّل وكبّر كل من كان في المجلس..لقد زال السّحر أخيرا وانتهت المعاناة.

انتشر الخبر في أرجاء المملكة، ونُزِعت أعلام الحزن ورفرفت مكانها الرايات البيضاء وعمّت الفرحة البلاد كاملة بعودة أميرهم المحبوب.. واقترح عليه السلطان الانتقال إلى العيش في القصر وعاش الجميع في سعادة.. وأرسلت الأميرة الرسل إلى قصر والدها تخبره بزواجها وقدوم حفيدها ووعدته بزيارتها.. كما تلقّت أخبارا سارّة عن أختها الكبرى وفرحت لفرحها.

هنا اكتملت روايتنا خرافة الأميرة والكلب ذو السلاسل السبع بأجزائها الثلاثة.. أرجو أن تكون قد نالت إعجابكم...  😊  

 

هل اعجبك الموضوع :
author-img
الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

تعليقات

التنقل السريع